زائر زائر
| موضوع: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة ........." الإثنين فبراير 11, 2013 2:40 pm | |
| الحمد لله والسلام على رسول الله, وبعد : قرأت بحثا مقدما, مشروع تخرج لاحدى طالبات القدس المفتوحة _جنين فأحببت أن أقدم جزءا منه تعميما للفائدة, عسى أن يكون نموذجا لتفسير القران تفسيرا ملتزما حدوود ما يحمل النص من معنى , مع ربط الاية مع الواقع القائم تبيانا لحكم الله في بعض ما اشتبه على المسلمين في هذا الزمان بسبب التوجيه الخاطئ من الاعلام في العالم الاسلامي والذي يهدف الى الباس الحق بالباطل . البحث تعرض لبيان طريقة التفسيرللقران . ثم انتقل الى دراسة تفصيلية لاية : " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن بعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا" فبدأ بمفهوم المناسبة ثم بين مناسبة الاية .ثم بين مفهوم سبب النزول وبين سبب نزول الاية, ثم تعرض لتفسير الاية تفصيلا . ومن ثم بين علاقة هذه الاية بالفكر المعاصر وبين كيف تهدم هذه الاية الاساس الذي تقوم عليه فكرة الحريات العامة عند الغرب. وسأكتفي بتقديم الجزء المتعلق بتفسير الاية وما بعده لنرى كيف هدم القران الاساس الذي قامت عليه الحريات العامة الغربيه . المبحث الثالث: تفسير الآيةقال الله تبارك وتعالى :" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ". أ- " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة " " وما كان " الواو إما أن تكون للعطف وهو عطف جملة على جملة ، وإما أن تكون إستئنافية وهذا ما نرجحه ذلك أن الكلام مسوق للشروع في قصة زيد وزينب –رضي الله عنهما- ، " ما " حرف نفي غير عامل لدخوله على الفعل ، " كان " فعل ماضي ناقص ، ويقول القرطبي : لفظة " ما كان "و" ما ينبغي " ونحوهما ، لفظها النفي ومعناها الحظر والمنع ، فتجيء لحظر الشيء والحكم بأنه لا يكون ؛ كما في الآية . وربما كان امتناع ذلك عقلاً كقوله تعالى : " مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا[1]". وربما كان العلم بامتناعه شرعاً كقوله تعالى :" وَمَاكَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍأَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ[2] ". وربما كان في المندوبات ؛ كما تقول :" ما كان لك يا فلان أن تترك النوافل[3]". والحق أن لفظة " ما كان " لفظها النفي ومعناها كذلك وما نقل المعنى إلى الحظر العقلي أو الشرعي هو السياق الذي جاءت فيه وما حواه من قرائن كالتحذير في الآية أن من يعص الله ورسوله ضل ، وهذا ما أفاد معنى الحظر والمنع ولقد وردت في القرآن بمعنى النفي المطابق كما في قوله تعالى :" وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ[4]". والحق أن إقحام " كان " في النفي أقوى دلالة على انتفاء الحكم لأن الفعل " كان" لدلالته على الكون ، أي الوجود يقتضي نفيه نفي الكون الخاص برمته. " لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ " المؤمن هنا زيد بن حارثة والمؤمنة زينب بنت جحش-رضي الله عنهما- ابنة عمة رسول الله وذلك كما تقدم في أسباب النزول . صحيح أنهما المقصودان المباشران في القصة إلا أن الله –عز وجل- لما جاء بالنفي على هذا الشكل قرر قاعدة عامة ؛ ذلك أن مؤمنٌ و"مؤمنةٌ" نكرتان في سياق النفي ، والمعلوم أن النكرة في سياق النفي تعم ولذلك فالآية صالحة لنفي الحكم عن كل مسلم ومسلمة وليس فقط زيد وزينب رضي الله عنهما .وجيء بلفظ مؤمن ومؤمنة المشتقان من الإيمان رغم أن الحديث في الأفعال التي هي موضوع الإسلام إشعارا فيه معنى التهديد أن من لا يسلم لأمر رسول الله ولا ينزل عنده قد يقع في شكل من أشكال الكفر .وهذا ما يشير إليه تذييل الآية "فقد ضل ضلالا مبينا " وهذا ما سيأتي بيانه في آخر الآية , إن شاء الله تعالى . . أما اللام في "لمؤمن" فهي لام الاستحقاق : يعني أن الله تعالى شأنه ينفي استحقاق أحد لِ "أن يكون له الخيرة من أمره " . وأصل هذا التركيب في الكلام ما كان فلان فاعلاً كذا ، فلما أريدت المبالغة في النفي عدل عن نفي المصدر الدال على الجنس (" أن يكون"- المصدر المؤول-"كون") ، وجعل نفي الجنس عن الشخص بواسطة نفي الاستحقاق إذ لا طريقة لحمل اسم ذات على اسم ذات إلا بواسطة بعض الحروف ، فصار التركيب : ما كان له أن يفعل ، ويقال أيضاً ليس له أن يفعل ، ومثل ذلك في الإثبات كقوله تعالى :" إِنَّ لَكَ أَلَّاتَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى[5]" وهذه اللام هي أصل لام الجحود التي في نحو " وَمَاكَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ[6]" . فتراكيب لام الجحود كلها من قبيل قلب مثل هذا التركيب لقصد المبالغة في النفي ، بحيث ينفي أن تكون وجود المسند إليه مجعولاً لأجعل فعل كذا ، أي فهو بريء بأصل الخلقة ولذلك سميت جحوداً . وهذه قاعدة أساسية من قواعد الإسلام ثابتة في أكثر من آية من آيات القرآن الكريم أن الإنسان مسلوب بأصل خلقته للحق في الاختيار أمام طلب الله تعالى وسنتعرض لهذا في التفصيل في نهايات البحث بإذن الله . هذا هو الجزء الاول . وسأقدمه لكم على أجزاء لسهولة المتابعة والمناقشة أن شاء الله تعالى.
[1] . النحل, آية60
[2] . الشورى, آية51
[3] .الجامع لأحكام القران ,ج14 ص187
[4] . البقرة , آية 135
[5] . طه , آية 118
[6] . الأنفال , آية53
|
|